{انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (9) تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (10)}قوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ} أي ضربوا لك هذه الأمثال ليتوصلوا إلى تكذيبك. {فَضَلُّوا} عن سبيل الحق وعن بلوغ ما أرادوا. {فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا} إلى تصحيح ما قالوه فيك. قوله تعالى: {تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ} شرط ومجازاة، ولم يدغم {جَعَلَ لَكَ} لان الكلمتين منفصلتان، ويجوز الإدغام لاجتماع المثلين. {وَيَجْعَلْ لَكَ} في موضوع جزم عطفا على موضع {جَعَلَ}. ويجوز أن يكون في موضع رفع مقطوعا من الأول. وكذلك قرأ أهل الشام. ويروى عن عاصم أيضا: {ويجعل لك} بالرفع، أي وسيجعل لك في الآخرة قصورا. قال مجاهد: كانت قريش ترى البيت من حجارة قصرا كائنا ما كان. والقصر في اللغة الحبس، وسمي القصر قصرا لان من فيه مقصور عن أن يوصل إليه.وقيل: العرب تسمى بيوت الطين القصر. وما يتخذ من الصوف والشعر البيت. حكاه القشيري.وروى سفيان عن حبيب بن أبى ثابت عن خيثمة قال: قيل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن شئت أن نعطيك خزائن الدنيا ومفاتيحها ولم يعط ذلك من قبلك ولا يعطاه أحد بعدك، وليس ذلك بناقصك في الآخرة شيئا، وإن شئت جمعنا لك ذلك في الآخرة، فقال: {يجمع ذلك لي في الآخرة} فأنزل الله عز وجل: {تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً}. ويروى أن هذه الآية أنزلها رضوان خازن الجنان إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي الخبر: إن رضوان لما نزل سلم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال: يا محمد! رب العزة يقرئك السلام، وهذا سفط- فإذا سفط من نور يتلألأ- يقول لك ربك: هذه مفاتيح خزائن الدنيا، مع أنه لا ينقص مالك في الآخرة مثل جناح بعوضة، فنظر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى جبريل كالمستشير له، فضرب جبريل بيده الأرض يشير أن تواضع، فقال: «يا رضوان لا حاجة لي فيها الفقر أحب إلى وأن أكون عبدا صابرا شكورا». فقال رضوان: أصبت! الله لك. وذكر الحديث.